«الميدل إيست» تحتفل بثمانية عقود من الإقلاع
Wednesday, 12-Nov-2025 06:30

احتفلت شركة طيران الشرق الأوسط - الميدل إيست (MEA) بالذكرى الـ80 لتأسيسها، تحت شعار «من هالأرض لكل الأرض»، في حفل حاشد أقيم في هنغارات الشركة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، وحضور شخصيات سياسية وديبلوماسية وعسكرية وأمنية رفيعة المستوى.

ألقى رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت كلمة، عكست فخر المؤسسة بتاريخها الممتد منذ تأسيسها عام 1945 على يَد الرئيس صائب سلام، مستعيداً بدايات الشركة التي حملت اسماً يرمز إلى طموح اللبنانيِّين بأن يكون وطنهم مركزاً للتواصل بين الشرق والغرب، مستذكراً دور الشيخ نجيب علم الدين، الذي حوّل الحُلم إلى واقع، بجعل بيروت محطة ترانزيت عالمية.

 

توقف الحوت عند العملية الإصلاحية الكبرى التي نفّذتها الشركة بين عامَي 1998 و2001، مؤكّداً أنّها لم تكن لتنجح لولا الدعم السياسي الوازن في تلك المرحلة، وعلى رأسه الرئيس الراحل رفيق الحريري والرئيس نبيه بري، اللذان ساهما في وضع أسس العدالة الإدارية والتوازن الاجتماعي. كما نوّه بدور النائب السابق وليد جنبلاط، الذي دعم علناً الإصلاح على رغم من كلفته السياسية، معتبراً أنّ جنبلاط لطالما كان «صديقاً ناصِحاً ومُحِباً للشركة».

 

وتحدّث الحوت عن المحطات الصعبة التي مرّت فيها «الميدل إيست»، لا سيما خلال حرب تموز 2006 حين استُهدِف المطار، مشيداً بدور الرئيس فؤاد السنيورة والسفير الأميركي آنذاك جيفري فيلتمان، في إنقاذ طائرات الشركة وإعادة تشغيلها سريعاً بعد الحرب. كما توقف عند مرحلة جائحة كورونا في عهد الرئيس حسان دياب، معتبراً أنّ الشركة واجهت أصعب تحدٍّ تشغيلي في تاريخها، لكنّها صمدت بفضل إدارتها وموظفيها.

 

أمّا عن المستقبل، فكشف الحوت أنّ الشركة تستعد لمرحلة جديدة من التوسع، تبدأ بإعادة بيروت إلى موقعها كمركز إقليمي لصيانة الطائرات الأجنبية، بالتعاون مع مصرف لبنان، الذي وعد بدعم هذه الخطط، عبر إعادة استثمار الأرباح داخل الشركة بدل توزيعها. وأُعلِن عن إطلاق شركة «فلاي بيروت» للطيران المنخفض الكلفة، مؤكّداً أنّ طائراتها ستتمتّع بمعايير السلامة عينها التي تُميّز «الميدل إيست»، وكاشفاً عن تسلّم 6 طائرات جديدة العام المقبل. كما أعلن تخصيص مساعدات مالية لـ80 مدرسة رسمية في جميع المناطق اللبنانية بقيمة 10 آلاف دولار لكل مدرسة، موجّهاً شكره إلى مصرف لبنان «الذي لولاه لما تمكّنت الشركة من الاستمرار».

 

رسامني

بدوره، ألقى وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني كلمة مؤثرة، استعاد فيها مشهد الطائرات اللبنانية وهي تُقلِع وتهبط تحت القصف خلال الحرب الأخيرة، واصفاً طيّاري «الميدل إيست» بأنّهم «صقور لبنان الحقيقيون»، وإنّ قصة الشركة منذ رحلتها الأولى عام 1954 إلى نيقوسيا «هي حكاية وطن أراد أن يُحلّق على رغم من كل ما كُسر حوله».

 

أثنى رسامني على قيادة الحوت وطاقم الشركة بكل فئاتهم، معتبراً أنّهم «مرآة للعزيمة اللبنانية». كما خصّ بالشكر جهاز أمن المطار والمديرية العامة للطيران المدني، مشيراً إلى أنّ الحكومة تعمل بخطى واثقة لإعادة تطوير المطار ليصبح منشأة عصرية بطابع «بوتيكي»، تمزج بين الفخامة والذكاء التقني.

 

وأوضح أنّ الوزارة بدأت تأهيل الطريق المؤدّي إلى المطار بتمويل من «الميدل إيست»، وأنّها تستعد لافتتاح مسار Fast Track لتسهيل عبور المسافرين، إلى جانب تحديث قاعات المغادرة وكبار الزوار، مؤكّداً أنّ «لبنان لا يبني مطاراً جديداً فحسب، بل تجربة سفر متكاملة تُعيد له بريقه العالمي». وكشف أيضاً عن خطة لإعادة تفعيل «مطار رينيه معوّض» في القليعات، لتوسيع حركة الطيران وربط شمال لبنان بالعالم.

 

ثم ألقى رئيس الحكومة نواف سلام كلمة كانت أقرب إلى «خطاب وطني جامع»، امتزج فيه التاريخ بالعاطفة، معتبراً أنّ «الميدل إيست» ليست مجرّد شركة ناجحة بل «جزء من ذاكرة لبنان الحديثة وصورة حيّة عن قدرته على النهوض مهما اشتدّت العواصف». واستعاد من ذاكرته العائلية صلة آل سلام العميقة بتاريخ الشركة.

 

ورأى سلام، أنّ تاريخ «الميدل إيست سيرة وطنية موازية لتاريخ لبنان»، إذ تحوّلت من شركة صغيرة إلى رمز للصمود المدني. وذكّر بالهجوم الإسرائيلي على مطار بيروت عام 1969 حين دُمّر أسطول الشركة، لكنّها نهضت من تحت الرماد لتُثبِت أنّ «النجاح اللبناني لا يُقصَف». وأشاد بصمودها خلال الحرب الأهلية والاجتياحات الإسرائيلية، ثم في حرب 2006، وصولاً إلى الحرب الأخيرة عام 2024، حين استمرّت طائراتها في التحليق على رغم من الخطر، لتُجسّد «شجاعة الطيارين والفنيِّين الذين حملوا علم لبنان في سماء مضطربة».

 

وأضاف سلام، أن «الميدل إيست» باتت «مرآة لهوية اللبنانيِّين أنفسهم»، إذ يختبر كل مغترب شعور الطمأنينة عندما يرى طائرة «الميدل إيست» في مطار بعيد «بالأرزة على ذيلها وألوانها المألوفة»، معتبراً أنّ تلك اللحظة تختصر معنى الانتماء.

 

وفي ختام الحفل، منح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون شركة طيران الشرق الأوسط وسام الاستحقاق اللبناني المذهب، فيما كرّمت الشركة الموسيقار زياد الرحباني تقديراً لإرثه الفني، مستعيدة عبارته الشهيرة: «إذا راحت الميدل إيست، بروح لبنان». كما قُدِّمت مقطوعة موسيقية جديدة ألّفها الرحباني خصيصاً للمناسبة بعنوان MEA، تزامناً مع عرض وثائقي يوثّق رحلة الشركة من حلم صغير إلى «رمز وطني محلّق في سماء العالم».

الأكثر قراءة